دُورٌ الأيتام.. هل رعاية وحماية أم إنتهاكات بلا نهاية؟
بقلم – محمد أبو شنب
نعم.. ولا تستعجب أيها القارىء الكريم من هذا السؤال فى
عنوان المقال، فنحن الأن أمام قضية "إجتماعية – إنسانية" فى المقام
الأول، بل إننا أمام أقوى وأخطر الملفات الشائكة ذات الخطورة البالغة على مجتمعنا
المصرى ككل.
فهذا الملف يٌعد من الملفات المهملة لدى العديد من
المسئولين منذ سنوات عديدة ماضية الى لحظة قيام الساعة، على إعتقاد منهم بأن هؤلاء
الأطفال أو الشباب الذين يقنتون تحت أسقف ما يسمى بـ " دُورٌ الإيتام" أشخاص غرباء من جنس أخر، يختلفون عن
هؤلاء البشر الذين يعيشون على كوكب الأرض، ولكنهم فى الحقيقة على خلاف ذلك تماماً،
بل هؤلاء بالفعل هم ضحايا ملموسة وواقعية على مرأى ومسمع كل من هو مسئول عنهم، وإذا تعمقنا بحالهم وأردنا أن نستمع
إليهم سنكتشف على ألسنتهم الكثير والكثير من الجرائم والكوارث التى لا تخطر على
بال أو قلب بشر، وكأننا نعيش وسط غابة بشرية متوحشة، وفى عصر من العصور الحجرية
الأولى، منذ ظهور الإنسان البدائى الأول على وجة الأرض.
نذهب بك إيها القارىء العزيز عبر العديد من الكلمات
والعبارات من بين تلك السطور، لنتجول أنا وأنت وكل من يقرأ هذا المقال المتواضع،
فى رحلة صغيرة مبسطة الى هناك، لتتخيل وأنت جالساً فى مكانك مهما كان وإينما تكون،
مدى المعاناه والشقاء والعذاب بمعنى كل منهما الحقيقى، لفئة كبيرة جداً من هؤلاء الأطفال
أو الشباب الذين يُطلق عليهم أيتام، فبعضهم للآسف الشديد لا يدركون لمعنى كلمة الإنسانية
أو الأدامية شىء، بل يطلقون عليهم بألسنتهم الجارحة
"أولاد حرام".
فهناك قد تجد الكثير من الكوارث والجرائم، مدفونه بداخل نفوس
هؤلاء الأطفال، على أرض أى مكان مخصص لرعايتهم وحمايتهم تحت مُسمى ما يُطلق عليه بـ
" دُورٌ الإيتام"، وعلى الرغم من تناول كافة وسائل الإعلام
المختلفة، تلك القضية على فترات زمنية متفاوته، على أمل إيجاد حلاً جذرياً لها،
إلا إنها لا تزال عاجزة - ثابتها فى مكانها لا تتحرك الى الأمام بشىء حتى ولو
بخطوة واحدة، وكأن بعض من المسئولين القائمين عليها أو المختصين بهؤلاء يريدون ذلك
الأهمال الجسيم لآسباب مجهولة غير معلومة لتظل بعيدة كل البعد عن أعيننا ولا نعرف
لماذا؟.
ونتسائل
دائماً ماذا يحدث بداخل " دُورٌ الإيتام"؟ ليتم ما بين فترة وأخرى غلق العديد من المؤسسات
التى تحتضن هؤلاء، فنكتشف نتيجة ذلك وجود مخالفات وتجاوزات مخالفة للإنسانية
والأدامية، ولكن الغريب فى ذلك بأن مُكتشفها ليسوا مسئولون عنها أو من يقومون بدور
الرقابة عليها، وإنما نجدهم من المواطنين الشرفاء الذين يشاهدون بأعينهم هذة
المخالفات ويريدون أن يكشفوا لنا جميعاً ماذا يدور بداخل تلك هذة المنشأت، بدلاً
من قيام الوزارة أو الجهة المنوطة بتفعيل الدور الرقابى عليها.
وهنا يأتى
السؤال التالى.. هل هؤلاء الأطفال أو الشباب الذين تحتضنهم تلك الدُورٌ هم جناه
فيها بالفعل على المسئولين أم مجنى عليهم؟.. فقد تناولت العديد من الموقع
الأكترونية وصفحات التواصل الإجتماعى والصُحف الإخبارية عدد كبير جداً من التحقيقات
الموسعة بالصوت والصورة عن ما يحدث لهؤلاء بداخل تلك الدُورٌ، وكيف يتم التعامل
معهم من قبل المسئولين والقائمين عليها.
فبعضها ذكرت
بوجود حالة تزايد مستمر من الإنتهاكات الجسدية والمعنوية تُمارس ضد هؤلاء
الأطفال في حقهم الإنسانى والأدامى بصورة غير
طبيعية يوماً بعد الآخر؛ متمثلاً فى بعض الصور مثل الضرب والتعذيب والحرق لتصل
أخيراً لحالة الإعتداء الجنسي عليهم أو من قبل بعضهم البعض، مما يثبت لنا جميعاً بوجود
حالة رهيبة من الغياب الرقابي الكامل من قبل المسئولين سواء من الوزارة المنوطة بالرقابة
وكشف الفساد في دور الأيتام أو غيرها، على الرغم من التصريحات العديدة للدكتورة غادة
والى وزيرة التضامن الاجتماعى، التى تتضمن بأنه يتم تنفيذ برنامج لتطوير نظم الرقابة
والمساءلة لجميع دور الرعاية الإجتماعية، بهدف تحسين البيئة المحيطة للأطفال فاقدى
الرعاية، وتقوية آليات الدمج الأسرى والمجتمعى، مع وضع آلية لحماية هؤلاء الأطفال أو
الشباب من خلال إنشاء فريق متخصص مكون من أخصائيين نفسيين وإجتماعيين مدربين ومؤهلين
للتعامل مع كافة حالات الإنتهاكات بأشكالها المختلفة، ويطلق على هذا الفريق أسم
"فريق التدخل السريع"، والذى تم إنشأه بهدف حماية هؤلاء من مثل هذة الحالات
والحد من الممارسات الغير سوية ضددهم بداخل أى مؤسسات تختص برعاية الأيتام.
فبمجرد صدور أى شكوى منهم يتجة هذا
الفريق على الفور الى مكان وقوع الحادث ليتم التحقق منها، وبعد ثبوتها يتم إتخاذ الإجراءات
القانونية تجاه تلك الدار المسئولة عن ذلك، إلا أن هؤلاء الأطفال أو الشباب الضعفاء
تتغلب عليهم مخالب غيرهم من المسئولين، فأصبحوا عاجزين عن توصيل شكواهم إلى من
يشعر بمعاناتهم الحقيقية، ما جعل هذه المنشأت ساحة مخصصة للإنتهاكات والإعتداءات
بكافة أشكالها وصورها، سواء كانت إعتداءات جنسية أو غيرها، ولا نعرف لماذا؟!!!.
ومازالت هناك العديد من الإتهامات
الشائكة الى كل من هو مسئول عن هؤلاء، فمنها ما يختص بالأموال الطائلة التى تقدر
بالملايين والتى تتلقيه وزارة التضامن الاجتماعي من أجل تطوير دور الرعاية على كافة
مستوى أنحاء محافظات الجمهورية بلا إستثناء، وأيضاً حماية هؤلاء الأطفال أو الشباب
ورعايتهم جيداً، بدلاً من معاملتهم بأسلوب لا يليق بالإدامية أو الإنسانية والنظر
إليهم وإحساسهم بإنهم "أولاد حرام"، مما سيؤدى هذا التقاعس المتعمد
مستقبلاً على تدمير المجتمع بأكمله، وغيرها ما يختص لماذا لم تقوم الوزارة المنوطة
والمسئولة عن هؤلاء بتفعل الدور الرقابى الكامل على جميع دُورٌ الأيتام أو مؤسسات
الرعاية الإجتماعية، حتى يمكننا بالفعل الحد من العديد من الممارسات الغير مقبولة
عديمة الإنسانية سواء من قبل المسئولين أو القائمين على هؤلاء أو مع بعضهم البعض.
وأخيراً وليس بأخر.. نحن الأن فى
إنتظار إيجاد حلاً جذرياً - رقابياً – قاطعاً، للنهوض بجميع دُورٌ الأيتام و
المؤسسات الرعاية الإجتماعية على مستوى كافة أنحاء محافظات الجمهورية ولهؤلاء
الأطفال الموجودين بها.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق