بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مارس 2017

الموضة.. حرية أم أخلاقية



بقلم – محمد أبو شنب

كثيراً منا يتطلع دائماً الى الغرب، من حيث تفكيره وثقافته ولغته وعلمه، ولكن بدون رؤية واضحة ذات أهداف محددة، نحاول على قدر المستطاع أن نصل الى ما توصلوا إليه من تقدم وتطور.. إزدهار ورقى فى كافة المجالات، لتتيح لنا الفرصة أن نتقدم الى الأمام نحو مستقبل أفضل، وكأنهم بالنسبة لنا المثل الأعلى على ذلك، ولكن هل نقتبس منهم بالفعل ما يمكننا الإستفادة به من أجل أنفسنا والصالح العام، أم نكون لهم صورة طبق الأصل بدون أى إدراك لما نقتبسه؟!!.

نعم.. إننا لا نستطيع أن نخفى على أنفسنا تلك الحقيقة، بأنهم يمتلكون أحدث الأمكانيات التكنولوجية المتطورة الحديثة فى صناعة معظم الأشياء، ودائماً يحاولون أن يصلوا الى درجة بالغة من العلم والتقدم التكنولوجى عن غيرهم من سائر الدول الأخرى، ولكن هل معنى ذلك أن نكون لهم المرأه العاكسة لكل ما يقومون به أو ما يمارسونه؟ بالتأكيد – لا.

فكل شىء على وجة هذة الدنيا له إيجابيات وسلبيات حتى فى أجسادنا البشرية، فإذا نظرنا فى بعض أجزاء الجسم على سبيل المثال، سنجد أن الله سبحانه وتعالى خلق في أجسادنا "اللوزتين" التى تشبه سلاح حرس الحدود للجسم كله، لانها تحمي الجسم من الجراثيم والميكروبات قبل أن تصل الى باقى أجزاء الجسم، حيث تقوم بوظيفتها على إلتقاط الجراثيم أو والميكروبات ثم تبدأ بمكافحتها كأول خط دفاعي لها في الجسم، فهذا هو الجزء الإيجابى منها أما الوجه الأخر، إذا حدث بها إلتهاب صديدي متكرر لأكثر من مرة سنوياً، في هذه الحالة تصبح "اللوزتين" بؤرة من بؤر المرض، فتبدأ بالتأثير على بقية أعضاء الجسم عن طريق الدم، ومن هنا لا يجب بقائها فى الجسم وإزلتها فوراً، وغيرها الكثير والكثير من المعجزات الألهية الموجودة بداخلنا ولا نعلم عنها سوى القليل.

ومن هذا المنطلق.. كلنا نعلم جميعاً بأن كل دولة من دول العالم تحكمها عادات وتقاليد وثقافات متعددة ومختلفة، قد تتشابة أوتختلف مع بعضها البعض، ويظهر هذا الإختلاف بوضوح خصوصاً بين الدول الأجنبية والعربية، حتى فى طريقة الموضة الحديثة فى صنع الأزياء والملابس بكافة أنواعها المختلفة سواء التى تخص السيدات أو الرجال، فقد تجد أشكالاً وأنواعاً من التصميمات فى الأزياء، ربما تزهل العقل عندما تراها على أجسام المانيكان فى محلات العرض أو على أجساد الماره، ولكن هل كل ما يرتدونه الغرب أو الأجانب مباح لنا بسهولة؟ هل هذة الثقافات الغربية تتماشى مع ثقافتنا المصرية الأصيلة فى إرتداء الملابس وغيرها؟.. بالتأكيد – لا .

فقد نرى على سبيل المثال، أحدث الموديلات والتصميمات ذات الماركات العالمية من البنطلونات من نوع قماش الجينز، من حيث أشكالها وألوانها المختلفة، والذى أصبح رمزاً تقليدياً منتشراً على مستوى جميع أنحاء العالم بالأسواق العاليمة والمحلية، حيث صمم هذا النوع من القماش المعروف بـ"الجينز" لآول مرة فى أواخر القرن التاسع عشر كما ذكرته أحد تقارير " BBC "، نظراً لأنها بنطلونات شديدة التحمل ومتينة، يرتدونها العمال فى المزارع والمناجم فى الولايات الغربية بأمريكا، وكان ذلك على يد خياط يدعى "جيكوب ديفيس" بمساعدة صديقة التاجر "ليفاي ستروس"، ومن هنا أصبحت شركة "ليفايز" نسبة إلى "ليفاي ستروس" هي صاحبة الملكية الفكرية لبنطال الجينز، التى نالت بعد ذلك شهرة واسعة جداً.

غالباً ما نرى أثناء سيرنا فى أى مكان أو حتى على شاشات التلفاز، الكثير من الشباب وغيرهم يرتدون بنطلونات "الجينز" وخصوصاً الضيقة أو المقطوعة أو المبللة التى إنتشرت حديثاً والتى توضح معالم الجسد بصورة ملفته للنظر وغير مقبوله.

ومن هنا نتسائل.. ما هو الغرض الأساسى من إرتداء شبابنا لهذا النوع من الملابس؟!!.. فهل هذا ما يريده الغرب إيصاله لشبابنا؟!!. تساؤلات كثيرة أثيرت جدلاً حول هذة الظاهرة الغريبة التى أصبحت منتشرة بصورة ملحوظة بداخل مجتمعنا المصرى، والتى تناولها بعض أعضاء البرلمان حديثاً فى الكثير من المواقع الإخبارية، والتى يطالبون فيها الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، بمنع دخول الطالبات إلى الحرم الجامعى والمدرجات وهن مرتديات ملابس غير لائقة مثل "الشورت والبنطلونات المقطعة والبيجامة" وغيرها، وذلك من أجل إحترامهن قدسية أماكن التعليم، بحيث لا يكون هذا مرتبط بالتقييد أو التعدى على حرياتهن الشخصية، ولكن على أساس أن الحرية الشخصية لها حدود وضوابط يجب إحترامها خصوصاً فى الأماكن المقدسة مثل الجامعات أو المدارس وغيرها، ويأتى ذلك من خلال إصداره قرار إدارى فى هذا الصدد.

فقد وصفوه البعض منهم، بإن هذا يٌعد إنفلاتا أخلاقياً وليس حرية شخصية كما يعتقدوه البعض الأخر، مطالبين المؤسسات العلمية والتعليمية أن تلزم طلابها بإرتداء ملابس تليق بأماكن التعليم، وبإختيار زى موحد للطلابها، وعدم السماح بدخول أى طالب بأى زى مخالف، بحيث تكون وزارة التعليم مسئولة عن تحديد الزى المدارسى، وأن يكون المجلس الأعلى للجامعات مسئولاً عن تحديد الزى الموحد لكل كلية أو جامعة.

أما من الناحية العلمية.. فقد تناول موقع " BBC " عربي، بعض التقارير والأبحاث العلمية على حسب أقوال بعض الأطباء المتخصصين، تفيد إن إرتداء بنطلونات الجينز خصوصاً الضيقة قد تلحق الضرر بمن يرتديها بالعضلات والأعصاب فى منطقة الساقين، ويعتقد الأطباء بأن هذة الحالة التى يٌطلق عليها "متلازمة الحيز الطرفي"، بإنها مؤلمة وخطيرة تنجم عن نزيف أو تورم داخل حزمة مغلقة من العضلات.

فالغرض الأساسى من إرتدائنا للملابس بصفة عامة، هو الوقار وإجبار الغير على إحترامنا من خلال مظهرنا اللائق والمشرف والغير جارح للنظر، بالإضافة الى الهدف الأساسى منه وهو ستر العورة وليس كشفها وإيضاحتها، فما يجب علينا أن نذكر به شبابنا هو تصحح تلك المفاهيم والأوضاع الخاطئة، حتى تتناسب مع أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا بداخل مجتمعنا المصرى، بدلاً من وصفها تحت ما يسمى بالحرية الشخصية، تحت شعار بإنها موضة من الأزياء الحديثة.
ولنتذكر دائماً حديث رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم.. (صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال بأيديهم سياط يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن مثل أسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدون ريحها)، فالصنف الثاني من هذا الحديث هو "نساء كاسيات" إسم فقط ولكن هن في الحقيقة عاريات، إما لأنهم يرتدون ثياب رقيقة أو قصيرة، مائلات عن الرشد وعن العفاف .

فيجب علينا جميعاً كما ذكرنا من قبل.. الكل مسئول أمام الله عن رعاياه، فالآب أو الأم مسئولة عن أولاده، والجميع مسئول عن حماية وطنه، نحاول دائماً أن نتمسك بالعديد من القيم والمبادىء الأخلاقية، نحافظ على تراثنا وثقافتا وهويتنا المصرية التى نشأ عليها أجدادنا، نتعلم ونتطلع الى الغرب فى كل ما يفيدنا وينفعنا فى المستقبل، من أجل أنفسنا والصالح العام، نترك من خلفنا ما يضرنا ولا ينفعنا بشىء.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق