بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مارس 2017


متى نستفيد من طاقة هؤلاء؟


بقلم – محمد أبو شنب 

« نفسى أسافر.. ما فيش قدامك فرصة كويسة ».. عبارة شهيرة جداً.. نسمعها دائماً على ألسنه عشرات الآلاف من الشباب، خصوصاً الفئة المقبلة على الزواج، الذين تترواح أعمارهم ما بين العشرون وحتى الثلاثون عاماً تقريباً، ومدى رغبتهم الشديدة وطموحهم الكبير فى إيجاد فرصة حقيقية للسفر أو للهجرة خارج البلاد سواء بإحدى الدول  العربية أو الأجنبية مهما كلفهم الأمر، سعياً وراء لقمة العيش من أجل تحقيق مستقبل أفضل لهم ولأسرهم فيما بعد.

أصبحت ظاهرة السعى وراء فكرة « السفر أو الهجرة » من الظواهر المنتشرة بصورة واضحة، بين مختلف فئات الأعمار من الشباب، سواء كانوا من حاملى الشهادات الجامعية أم لا، خاصَّةً منذ السنوات القليلة الماضية لتظل باقية ومستمرة حتى وقتنا الحاضر، وذلك نظراً للظروف المعيشية الصعبة التى يعانى منها جميع فئات الشعب خصوصاً البسطاء أو الفقراء، بالإضافة الى الإرتفاع الملحوظ فى الأسعار بصورة غير طبيعية، مما يجعلهم غير قادرين على تحقيق أمالهم وطموحهم فى الحياة بداخل وطنهم.

فعندما يحصل الشاب الجامعى على شهادة التخرج، يتجة تفكيره مباشرةً الى رغبته فى « السفر أو الهجرة » للخارج، ليبدأ مشوار حياته فى أى دولة مهما كانت عربية أو أجنبية، بهدف تأمين حياته المستقبلية، نظراً لوجود ذلك الحاجز المادى المنيع الذى لا يمكن مقاومته فى أرض وطنه، فيسعى دائماً مستخدماً شتى الطرق المختلفة فى الحصول على إيجاد فرصة عمل جيدة، تجعله قادراً على تحقيق ما يسعى إليه.

فمنهم من يبحث عن تلك الفرصة عن طريق مكاتب إلحاق العمالة المصرية بالخارج، وغيرهم من يستخدم الوسائل الألكترونية ليبحث فى كافة المواقع الألكترونية التى تساعده على ذلك، وأخرون يلجأون الى إستخدام الطرق الغير شرعية والمخالفة للقانون، وبالرغم من تعدد تلك الوسائل المختلفة سالفة الذكر أوغيرها، إلا أن بعض هؤلاء الشباب لا يهتمون الى طبيعة تلك الوظيفة أو العمل نفسه، فربما قد يتناسب هذا العمل أو تلك الفرصة مع مؤهلهم الدراسي أو لا، ولكن معظمهم لا يعتبرون هذا شرطاً أساسياً بالنسبة لهم، فالأهم من وجهة نظرهم الشخصية هو كيفية تحقيق أعلى عائد مادى مناسب لهم فى فترة زمنية قصيرة، على الرغم من أن تكاليف السفر أو الهجرة الى الخارج ليست بسيطة بل إنها تقدر بمبالغ مالية باهظة جداً، فكل وظيفة من الوظائف المطروحة لدى مكاتب إلحاق العمالة تقدر بثمناً معيناً على حسب موهلات المتقدم اليها، وربما أيضاً قد تختلف ثمن فيزا كل دولة عن الأخرى، بمعنى تأشيرة الدولة العربية تختلف عن الدولة الأجنبية، ولكن الغريب فى ذلك بأن هؤلاء الشباب يظل لديهم الأمل والطموح والرغبة فى تحقيق ذاتهم من خلال ما يسعون إليه عن طريق السفر أو الهجرة.

فإذا حاولت التحدث مع أحدهم فى يوماً من الأيام، سواء بالطريق المباشر أو من خلال المصادفة، قد تشعر من خلال حديثه معك بإنه يسير على الطريق الصحيح، وإن ما يسعى إليه هو الحل الأمثل أمامه ولا يوجد حلاً غيره، فتشعر من داخلك بالخجل وتتسائل لماذا لم تحافظ الدولة على هؤلاء الشباب؟!!.. لماذا لم يتم توفر فرص عمل حقيقية لهم حتى تتمكن من الإستفادة الكبرى بهذة الموارد البشرية الموجودة فى طاقات هؤلاء الشباب بدلاً من إتاحة الفرصة لهم بالعمل خارج وطنهم؟!!.. ونتعجب من ذلك ونقول ألم يوجد لدنيا ما نقدمة إليهم؟!!.. حقاً.. إنها بالفعل تساؤلات كثيرة ولكنها فى غاية الأهمية والخطورة يجب أن توضع فى الحسبان وعلى أجندة المسئولين، من أجل الحفاظ على شبابنا المهاجر.

ومن هنا ما يجب علينا فعله.. أن نرسم لهؤلاء الشباب الطريق الصحيح لبناء حياتهم، ونبذل كل الجهد والعمل على كيفية إستثمار طاقاتهم الحيوية، عن طريق التنقيب والبحث بداخلهم، من أجل إكتشاف مواهبهم وقدارتهم الإبداعية ومهارتهم الفنية والعلمية ومشاركتهم فى الأراء والمقترحات وأيضاً فى طرح الأفكار والرؤى، ونجعلهم يشعرون بكامل المسؤولية تجاه أنفسهم وبلادهم، وإن نزرع فيهم الثقة والاعتماد عليهم فى كل شىء، حتى نستطيع أن نساعدهم بما لدينا من إمكانيات ومقومات لتنمية تلك المواهب التى نكتشفها لديهم، بالإضافة الى معرفتنا فى كيفية إستثمار عقولهم وأفكارهم فى الكثير من الأعمال والمجالات الهدافة التنموية، للنهوض من أجل مستقبل أفضل لهم بصفة خاصة وللمجتمع بصفة عامة، بدلاً من أن نترك هذة القدرات بداخلهم حبيسة، بدون أى وجه إستفادة أو أن تستُغل من غيرنا خطأً بما يعود عليهم وعلى المجتمع ككل بالضرر، ولذلك فهى تٌعد من ضمن المقومات و الأمكانيات الأساسية التى يتميز بها المجتمعات، بل أحد الأسباب الرئيسية على نجاحه وتنميته .

فإذا كنا نحاول على قدر المستطاع من كيفية الإستخدام الأمثل لمواردنا المتاحة، والعمل على حسن ترشيد الإستهلاك لها، إذا يجب علينا أيضاً بالضرورة أن نذكر أنفسنا بأن هناك موارد بشرية أخرى تضاف الى مواردنا الطبيعية والبيئية بداخل طاقات هؤلاء الشباب ولا يجب علينا أن تجاهلها أو نساعد على إهدارها، لإنها تعتبر من أعظم الموارد وأشد خطراً بكثير فى نفس الوقت؛ إذا لم نستغلها ونستثمرها فى مسارها الصحيح.

وأخيراً.. يجب أن نكون فى غاية الوضوح والشفافية مع أنفسنا أولاً، كلنا نعلم جيداً بالظروف المعيشية الصعبة التى أصبحت عائقاً وحاجزاً منيعاً أمام كل فرد وأسرة تعيش فى هذا المجتمع، ولكن لكى نتجاوزها ونتغلب عليها، فلابد من العمل وبذل الجهد من خلال الإستفادة الكاملة والقصوى من كافة مواردنا سواء كانت طبيعية أو بيئية أو بشرية، ونتيح لهؤلاء الشباب الفرصة فى تحقيق ما يسعون اليه من أمال وطموحات فى بناء مستقبلهم ومستقبل أسرتهم وسط أحضان وطنهم وليسوا بعاداً عنه.

ونذكرهم دائماً بأن الرزق بيد الله.. وأن كل ما كتبه لنا الله سيأتى إلينا لا محال.. سواء كنا نعيش على أرض هذا الوطن أو على أرض أى مكان أخر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق